منوعات

عايش بضباب.. بس مش هفضل كده”

الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر يكتب “عايش بضباب.. بس مش هفضل كده”

 

عايش بضباب.. الضباب ده مش بس حواليا، ده جوايا كمان. كل حاجة بقيت ضايعة، مبقاش فيه نور يهديني، ولا حتى حلم يخليني أتحرك. كنت زمان أحلم، أتنفس، أعيش.. دلوقتي، عقلي وقف. فجأة لقيت نفسي واقف قدام سؤال: أنا ليه عايش؟

 

الشغف اللي كان بيخليني أصحى كل يوم بحماس، اللي كان بيخليني أحارب عشان أحقق حلمي، اختفى. بقيت زي اللي بيحاول يمشي في مكانه، كل ما أخطو خطوة، بحس إني برجع لنفس النقطة. الحياة بقيت دوامة، كل يوم زي اللي فاتوه، مليان تعب وخيبات.

 

حلمت كتير، سعيت كتير، بس لقيت نفسي واقف قدام حقيقة إن الدنيا مش دايما بتنصف. الناس اللي حواليا، اللي كنت فاكر إنهم هيسندوني، لقيت فيهم الحقد والغل. كل واحد عايز يوقع التاني، عايز يشوفك بتتألم عشان يحس إنه عايش. النجاح بقى جريمة، والاستغلال بقى عادي. مبقاش في حد بيصدق في التمني، كل واحد عايش لنفسه، حتى لو كان على حساب اللي جنبه.

 

كرهت البشر.. كرهت الضحكات المزيفة، كرهت النظرات اللي بتقول “أنت مش هتعرف”. كرهت إن مفيش حد بيسب حد بحاله. نفسي أعيش بسلام، بس الدنيا مبتخلنيش. كل ما أحاول أرتاح، تلاقي هم جديد بيظهر، أو حد جديد بيحاول يستغل ضعفي.

 

بس في لحظات، بلاقي نفسي بفكر: ليه؟ ليه الضباب ده مسك كل حاجة؟ ليه خلاص مبقاش في أمل؟ لأ، مش عايز أصدق إن ده نهايتي. الضباب مش هيستمر للأبد، أكيد في يوم هيقشع، والنور هيرجع تاني.

 

عايش بضباب، بس مش هفضل كده. مهما كانت الصعوبات، مهما كان اليأس بيحاول يغلبني، هحاول ألاقي الطريق تاني. مش هسيب الحقد والغل والاستغلال يكسروا أحلامي. الضباب مش نهاية، ده بس اختبار. ولو وقفت دلوقتي، يبقى ضيعت كل اللي جيت من أجله.

 

في لحظات الضعف، بلجأ للبحر. البحر هو الصديق الوحيد اللي بيسمعني من غير ما يحكم عليَّ، من غير ما يستغل ضعفي. بقعد على شطّه، وأفضفض له عن كل اللي جوايا. الموج بيحضن همومي، والريح بتنقل صراخي للسماء. البحر هو الوحيد اللي بيفهم إن الضباب مش دايما، وإن القوة الحقيقية بتكون لما تقدر تواجه الظلام وتصدق إن النور هيجي.

 

الضباب هيعدي.. والنور هيرجع. البحر هيضل صاحبي، وهضل أحكي له، لحد ما ألاقي نفسي تاني. لحد ما الضباب يروح، وأعيش من غير خوف، من غير حقد، من غير استغلال.

 

عايش بضباب.. بس مش هفضل كده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى